"هو يعض ويبصق عليّ…" "بإمكانها إلقاء الأغراض وكسرها من شدة الغضب…"في كل مرة أذهب لاقتناء غرض ما له، ينبطح على الأرض في الدكان ويبدأ بالصراخ…" عندما تغضب لا تتوانى في أن تشتمني بوقاحة وبدون احترام…" "الأمر بات مخيفًا، فهو عندما يغضب يبدأ بضرب رأسه في الحائط!!
ما العمل؟!
معظم المقالات في مجال نوبات الغضب تشير أنه من المقبول أن تبرز هذه الظاهرة عند أبناء جيل السنتين، حتى أن هذا يعتبر معياريًا لهذه المرحلة العمرية.
لكن الواقع يختلف أحيانًا، بحيث يعاني العديد من الأهالي من استمرار هذه الظاهرة لما بعد جيل السنتين! يمكن ملاحظة مجموعتين أساسيتين لنوبات الغضب:
1. الأولى: مكان النوبات في حيز حياة الولد: هناك أولاد يثورون في كل مكان ولأسباب مختلفة، وهناك آخرون يكون لديهم فصل واضح: بحيث لا يثورون في الحضانة بينما في البيت نعم.
هذا الفصل مهم جدًا، لأنه إن دلّ على شيء فإنما يدل على مدى تحكمه وسيطرته على كيفية تصرفاته. هناك أولاد يثورون في الحضانة لمجرد فشلهم في أي مهمة أو نشاط، إذ يسيطر عليهم الشعور بالإحباط. وهناك آخرون، تكون نوبات غضبهم في لحظات الإحباط الاجتماعي أمام مجموعات متساوية- مثل: "الغضب من "لم أنل ما أستحق… "هذا ليس عادلًا…"
2. الثانية- طريقة التعبير عن نوبات الغضب: وهنا يكون الفصل بين طريقة التعبير المنفتح والمنطلق إلى الخارج والتعبير الانطوائي المنغلق.
حيث نلاحظ أن هناك أولاد تكون نوبات غضبهم موجهة للأولاد والبالغين من بيئتهم المحيطة، بحيث يقومون بضرب، خدش، عض والديهم أو أولاد من بيئتهم وقت الغضب. ومن جهة أخرى، نجد أولاد مع نوبات غضب انطوائية، بحيث يوجهون نوبات غضبهم إلى أنفسهم: مثل قضم أظافرهم، ضرب رأسهم بالحائط، أو أي سلوك آخر نابع عن توتر.
والدي ح' ابنة السبع سنوات توجهوا لدورة إرشاد بسبب نوبات الغضب التي تجري بالأساس في بيت الجد وقت اللقاء العائلي. وقد تم العمل مع هذه العائلة وفق مراحل:
في المرحلة الأولى- إدراك مدى الظاهرة
ح' لا تثور في المدرسة، ولا في البيت، غالبية نوبات الغضب تكون كما ذكرنا سابقًا في بيت جدّها، خلال الاجتماعات العائلية. بناء على ذلك بالإمكان التخمين أولا أن سبب تلك النوبات له علاقة بكيفية مجريات اللقاءات العائلية. ومن خلال محادثة مع الأهل غلب هذا التخمين، بحيث اتضح أنه خلال هذه اللقاءات تمس سلطة الوالدية عندهما، إذ تتعرض البنت ل" تعدد الوالدية"- بكلمات أخرى، يعطي أبناء الأسرة أنفسهم الحق في الوعظ والتوبيخ أيضًا علنيًا، بينما يقف والداها منفعلين جانبًا.
في المرحلة الثانية- تعاملنا مع الظاهرة كظاهرة طبيعية
كثيرًا ما أقابل أهالي يخافون من العدوانية لدى أولادهم، متيقنين أن هذا ينبع مما هو أشد وأعظم. لكن رغبتنا الإيجابية والخبرة الاجتماعية في خلق أجواء لطيفة تحتم علينا ألا ننسى أن العدوانية هي غريزة طبيعية تميّزنا جميعًا. من المفروض تعليم الولد كيفية التصرف والتحكم بنفسه وبهذه العدوانية التي هي جزء لا يتجزأ من الطبيعة البشرية. بناء على ذلك، كان العمل مع العائلة أسهل وأجدى. فعند الحد من قلقها وتخوفاتها من تلك الظاهرة كان بالإمكان محاورتها بشكل أفضل.
في المرحلة الثالثة- تمّ فحص أسباب تلك النوبات عن طريق الرسومات.
نوبات الغضب ممكن أن تنبع من عدة اتجاهات:
في الأعلى – قبل إرشاد الأهل – نوبات غضب قوية
في الأعلى- بعد 3 لقاءات من الإرشاد – نوبات الغضب توقفت!
تراجع عاطفي في التطور- في هذه الحالة، بدايةً لم يسلك الولد أي نوبات غضب، ولكن فجأةً تفاقم وضعه وعادت نوبات الغضب من جديد. لذا، من المهم الانتباه في هذه الموقف إلى سلوك الولد كمؤشر إنذار- حيث يدل على وجوده في حالة توتر، والطريقة الوحيدة للتخلص من هذا التوتر هي عن طريق الثوران. إذن، يبدو أن هناك منفعة على المستوى العاطفي لتلك النوبات عند الولد بغض النظر عن البيئة غير الراضية.
من خلال الرسومات يمكن ملاحظة التراجع في مراحل الرسم التي تتوافق مع التراجع السلوكي. في حالة ح' هذه الامكانية مرفوضة لأن رسوماتها متطورة وتتناسب مع جيلها.
مزاجية الولد – الكثير من الأهالي يدركون الفروقات المزاجية لدى أبنائهم منذ اللحظة الأولى من ولادتهم، المزاج عادة لا يتغيّر وهو يميز سلوك الولد لمدى سنوات. عندما يكون عند الولد مزاجية مندفعة، يمكننا أن نتوقع أكثر تصرفات مندفعة بحيث تكون النوبات جزء منها. هذا يعني أن هذه النوبات لا تشير إلى حالة توتر فقط، إنما هي أسلوب للتعبير الطبيعي لدى الولد.
في حالة ح' أيضًا هذه الامكانية غير مناسبة لأنها لم ترسم بشكل مندفع- هي تعمل على تعبئة مساحات، تلوّن ببطء وصبر، ولا تنسى التفاصيل الصغيرة.
دوافع الضغط- تنطلق هذه الرؤية من وجهة النظر التي ترى أن لتلك النوبات يوجد سبب، فهي تخدم شيء ما، وهي تتأثر بذلك من النظرية الفرويدية. أما النظرية الأدلرية فترى عكس ذلك، هي ترى أن لتلك النوبات يوجد هدف، مثل هدف لفت الانتباه، بحيث يكون الحل منع الربح من وراء لفت الانتباه.
أُفضل أن آخذ بالحسبان كلتا النظريتين (السبب والهدف) في حالة ح' يمكن الملاحظة بشكل بارز أن السبب هو التوتر الكبير: نلاحظ أنها قامت بتلوين الشعر بخط غامق ومتراص وثقيل على الشخصية في الرسمة، ما يعكس العبء والضغط الذي تشعر به. هناك احتمال أن سبب هذا العبء هو التوقعات العالية من نفسها، أو توقعات البيئة منها، أو الاثنان معا. من المؤكد أن هناك سبب وراء هذه النوبات، وهي تدل على صعوبة عند ح'. وعند معرفة السبب بالإمكان التخفيف عنها، وعدم الاكتراث لتلك النوبات.
ما العمل؟
نوبات الغضب هي طريقة للتعبير عن السخط والغيظ ، والتي تكون نتيجة لصعوبة معينة أو تجربة محبطة عند الولد في التعامل بشكل ناجع يتلاءم مع الموقف. غالبًا ما يثور الأولاد عند الضغط عليهم بشكل كبير، أو إذا اعتادوا أن يأخذوا كل ما يطلبون.
من المهم أن ألا ننسى أن الغضب والعدوانية هي سمات إنسانية، وعلينا كشف الولد على طرق مقبولة ومناسبة لتفريغ هذا الغضب. طرق مناسبة اجتماعيًا ومريحة للولد. عندما يستعصى علينا التعامل مع هذه النوبات فتصبح أسلوب متكرر عند الولد مفضل التوجه لعلاج على المستوى العاطفي ولدورة إرشاد للأهل.
تأليف: ميخال فيمر (M.A) مُعالجة بالفنون ومديرة مركز تأويل رسومات الأولاد وإرشاد الأهل.
ترجمة: غادة جلجولي – طالبة في مساق تأويل رسومات الأولاد بحسب طريقة ميخال فيمر, أﺧﺼﺎﺋﻴّﺔ عسر اﻟﺘﻌﻠﻢ وﻣُﺸﺨّﺼﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ (M.A).